يعد الاستثمار الأجنبي المباشر محوراً أساسياً في تعزيز الاقتصادات الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة، حيث يمثل ركيزة حيوية في تعزيز النمو الاقتصادي وتطوير البنية التحتية.
يشكّل استقطاب رؤوس الأموال من خارج الحدود تحفيزاً قوياً للاقتصادات للارتقاء بمستوى الإنتاج وتعزيز فرص العمل، وهو ما يعكس تواجدًا استراتيجيًا يسهم في تحسين أداء الاقتصاد الوطني.
مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر
الاستثمار هو استخدام المدخرات في تكوين الطاقات الإنتاجية الجديدة والمحافظة على القائم منها أو تجديدها.
تقسم الاستثمارات جغرافياً إلى نوعين:
- استثمار محلي : يعتمد على رؤوس الأموال الوطنية.
- استثمار أجنبي: هو الاستثمار الذي يأتي من خارج الاقتصاد الوطني، ويعتمد في تمويله على رؤوس أموال أجنبية بالدرجة الأولى وقد يكون مباشر أو غير مباشر.
وفي هذا المقال سيكون سنركّز حديثنا عن الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل خاص.
تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر
بدايةً يرمز للاستثمار الأجنبي المباشر بحروف FDI وهي الحروف الأولى من Foreign Direct Investment.
ويعرف الاستثمار الأجنبي المباشر بأنه توظيف أموال أجنبية غير وطنية في موجودات رأسمالية ثابتة في دول معينة. وينطوي على علاقة طويلة الأجل تعكس منفعة المستثمر الأجنبي والذي قد يكون فرداً أو شركة أو مؤسسة، والذي يحق له إدارة موجوداته من بلده أو البلد الذي يقيم فيه.
أنماط الاستثمار الأجنبي المباشر
إن أنماط الاستثمار الأجنبي المباشر من وجهة نظر المستثمر الأجنبي هي بمثابة المسارات أو الأساليب لغزو الأسواق العالمية.
حيث تختلف هذه الأشكال حسب درجة التقدّم الاقتصادي والاجتماعي للبلدان المضيفة، وكذلك طبيعة النظام السياسي السائد فيها.
كما تلعب خصائص الشركات غير الوطنية دوراً في تحديد شكل الاستثمار الأجنبي المباشر من حيث حجم الشركة وعدد العمال وأنواع المنتجات التي ينتجها وخبرتها في السوق المستهدف.
الجدير بالذكر أنّ الاستثمار الأجنبي يُعتبر أحد مصادر الدخل التي تعتمد عليها العديد من الدول. على سبيل المثال فإن الاستثمار الأجنبي الذي دخل إلى تركيا في العام الماضي 2022 بلغ 13.3 مليار دولار. والقائمة تطول في إحصائيات الاستثمار الأجنبي لدول العالم.
أنماط الاستثمار الأجنبي المباشر المرتبط بعنصر الملكية
الاستثمار المشترك
هو أحد مشروعات الأعمال الذي يمتلكه أو يشارك فيه طرفان أو أكثر من دولتين. والمشاركة هنا تشمل الحصة في رأس المال والإدارة والخبرة وبراءة الاختراع والعلاقات التجارية.
من مبرّرات إقامة المشاريع المشتركة هي التكلفة العالية التي يتطلّبها إنشاء بعض المشروعات الكبيرة التي لا تستطيع البلدان النامية وحدها تحملها.
ويعد هذا النوع من الاستثمار أكثر الأنواع قبولاً في البلدان النامية وذلك لأنه:
- يساهم في زيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.
- رفع معدلات التنمية التكنولوجية.
- خلق فرص عمل جديدة.
- تنمية القدرات الإدارية لرجال الأعمال العاملين في هذه المشروعات.
الاستثمار المملوك بالكامل
يعتبر من أكثر أشكال FDI تفضيلاً للشركات غير الوطنية وذلك للمزايا المتحققة منه وهي:
- توفير الحرية الكاملة في إدارة المشروع.
- التغلب على القيود الجمركية والتجارية.
- عدم تدخل الطرف المحلي في المشروع.
حيث تقوم الشركات غير الوطنية بكامل العملية الاستثمارية في البلد المضيف دون مشاركة الطرف المحلي.
ومن سلبيات هذا الشكل من الاستثمار الأجنبي المباشر هو التأميم الناتج عن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلدان المضيفة.
أما بالنسبة للبلدان النامية فإنها تتردّد من هذا الشكل خوفاً من التبعية الاقتصادية والتأثيرات السياسية وسيادة الاحتكار.
المناطق الحرة
المفهوم الشامل للمناطق الحرة بأنها جزء من أراضي الدولة يقع على موقع استراتيجي يخصص للاستثمار الأجنبي والوطني وذلك من أجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية معينة ويخضع لنظام الدولة المضيفة.
ومن مزايا المناطق الحرة:
- خلق مناخ استثماري جاذب للاستثمارات الأجنبية والمحلية.
- تجاوز العقبات والقيود الإدارية والجمركية والتجارية.
- تساهم في نقل وتوطين التكنولوجيا.
- تنشيط حركة الصادرات.
- تطوير قطاع النقل سواءً البري أو البحري أو الجوي.
تحصل المناطق الحرة على الكثير من التسهيلات والحوافز التي لا تتوفر في المناطق الأخرى مثل:
- إعفاء الشركة من ضريبة الدخل.
- عدم فرض رسوم جمركية.
- تسهيل إقامة العاملين.
- توفير الخدمات بأسعار مناسبة.
مشروعات أو عمليات التجميع
تعني قيام البلد المضيف في عقد اتفاقية بين الطرف الأجنبي والمحلي.
وتتضمن هذه الاتفاقية قيام الشركة الأجنبية بتزويد الطرف المحلي بمكونات منتج معين ليتم تجميعها لتصبح فيما بعد منتج نهائي.
وتقوم الشركة الأجنبية بتقديم الخبرة والتصاميم للمصنع المحلي وطرق الصيانة والتخزين.
بينما يقوم الطرف المحلي بتجميع ذلك المنتج في بلده مقابل عائد معين متفق عليه.
اقرأ عن: نظام سويفت العالمي وتحويل الأموال دولياً.. كيف يعمل؟
أنماط الاستثمارات الأجنبية المباشرة غير المرتبط بعنصر الملكية
تعاقد الإنتاج الدولي من الباطن
هي اتفاقية بين وحدتين إنتاجيتين يقوم بموجبها أحد الأطراف بإنتاج وتوريد أو تصدير قطع غيار ومكونات أساسية خاصة بسلعة معينة للطرف الأول الذي يقوم باستخدامها في إنتاج السلعة بصورتها النهائية وعلامتها التجارية.
عقود التراخيص
هو اتفاق أو عقد تقوم بمقتضاها الشركة غير الوطنية بالتصريح للمستثمر الوطني بالدولة المضيفة لاستخدام براءة الاختراع والخبرة الفنية ونتائج أبحاث المشروع حتى مرحلة التشغيل، ثم يتم تسليمه إلى الطرف الثاني.
عقود الإدارة
مجموعة ترتيبات وإجراءات قانونية يتم بمقتضاها قيام الشركة الأجنبية بإدارة جزء أو كل العمليات والأنشطة الخاصة بمشروع استثماري في البلد المضيف لقاء عائد مادي أو مقابل المشاركة في الأرباح.
عقود عمليات تسليم المفتاح
هو عقد بين الطرف الاجنبي والطرف المحلي يقوم الأول بإقامة المشروع الاستثماري والإشراف عليه حتى بداية التشغيل وما إن يصل المشروع إلى مرحلة التشغيل يتم تسليمه إلى الطرف الثاني.
خلاصة القول
يمكن للدول من خلال استقطاب رؤوس الأموال والمهارات، تعزيز قدرتها التنافسية في السوق العالمية وتحسين موقعها كوجهة مفضلة للاستثمار.
كما تعزز الاستثمارات الأجنبية المباشرة من التكامل الاقتصادي والتبادل التجاري العابر للحدود، مما يسهم في تعزيز التعاون الدولي وبناء جسور قوية بين الشعوب.
على هذا النحو، يظهر الاستثمار الأجنبي المباشر كسبيل حيوي نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستقبل الدول، ويبرز أهميته كأداة فعّالة لتعزيز التطور الاقتصادي والاستدامة في عصر العولمة.